مصابون ينزفون ومرضى بلا علاج في جنين

مصابون ينزفون ومرضى بلا علاج في جنين
مصابون ينزفون ومرضى بلا علاج في جنين

درب الأردن - 

في ساحة مستشفى الدكتور خليل سليمان الحكومي في مدينة جنين، يجلس مجموعة من الشبان معصوبي الأعين ومنزوعي الملابس، فيما يقف أمامهم عدد من جنود الاحتلال موجهين بنادقهم عليهم، بشكل يعيد إلى الأذهان المشاهد التي بثها جنود الاحتلال للمعتقلين الذين اقتادوهم من مراكز الإيواء شمال قطاع غزة الأسبوع الماضي.

انتشر المشهد الخميس على مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات الأخبار في المدينة، ويظهر بشكل مباشر اعتداء جنود الاحتلال على عدد من الفلسطينيين الذين كانوا في ساحة المستشفى قبل اعتقالهم.

وتفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي حصارا مشددا على مستشفيات المدينة، لليوم الثالث على التوالي وتمنع سيارات الإسعاف من الخروج ونقل الجرحى للمستشفيات، الأمر الذي تسبب في ارتفاع عدد الشهداء نتيجة لعدم تلقيهم العلاج في الوقت المناسب وتركهم ينزفون في الشوارع.

كما تسبب الحصار في عدم تمكن المرضى من وصول المستشفيات للعلاج، خاصة ذوي الأمراض المزمنة وغسيل الكلى وغيرهم، مما أدى إلى تدهور أضاعهم الصحية.

"الحصار ما زال موجودا"

وقال مدير مستشفى خليل سليمان الحكومي وسام بكر: "الحصار ما زال موجودا، والآن يوجد إصابة في ساحة المستشفى أطلق جنود الاحتلال النار على أحد الشبان بشكل مباشر.

وتابع: "منذ اللحظة الأولى التي دخلت فيها آليات الاحتلال إلى جنين، تمركزت أمام بوابة المستشفى وحاصرته ومنعت خروج سيارات الإسعاف منه لنقل الجرحى والشهداء".

وأكد بكر أنه لم يتم استقبال أي إصابة من المدينة والمخيم منذ 3 أيام سوى 7 إصابات وصلت الأربعاء إحداها إصابة بشظية و6 إصابات بالهلع، وكلها وصلت بواسطة سيارات مدنية.

وعلى الرغم من أن مستشفى خليل سليمان هو المستشفى الحكومي الوحيد الذي يخدم محافظة جنين إلا أنه لم يستقبل سوى 3 شهداء ارتقوا في اليوم الأول من الاقتحام الإسرائيلي للمدينة بعد قصفهم بواسطة طائرة استطلاع عسكرية في البلدة القديمة من جنين.

وتابع، أن قوات الاحتلال تحاصر كذلك باقي المستشفيات في المدينة بشكل كامل وتمنع أي حركة لسيارات الإسعاف، عدا صعوبة خروج الطواقم الطبية من وإلى المستشفى، وأيضاً صعوبة وصول المرضى العاديين لتلقي العلاج، كل ذلك يتم على مدار الأيام الثلاثة الماضية، وهو مستمر حتى الآن والحصار يزداد شدة".

ويصف بكر الوضع في المستشفيات بالخطر، حيث يصعب وصول أمراض الكلى لجلسات الغسيل الكلوي بسبب منع تحرك الناس في الشوارع، وهو ما يشكل خطراً على حياتهم، كما يصعب تغيير داوم الطواقم الطبية العاملة في المستشفيات: "فالمفروض أن يتم تبديل الطاقم الطبي كل 8 ساعات؛ لكن بسبب منع التحرك من وإلى المستشفى أصبحت الطواقم تعمل لمدة 16 ساعة وبعض الأطباء 24 ساعة.

وأوضح أنه عند تغيير الطاقم يلزم نلقهم بواسطة سيارة الإسعاف الوحيدة الخاصة بالمستشفى حيث تنقل عدداً كبيراً وتوصلهم إلى منازلهم ثم تنقل الطاقم الآخر للمستشفى ليبدأ دوامه، وهو ما يستهلك الكثير من الوقت وفي بعض الأحيان يعترض الجنود سيارة الإسعاف ويفتشون الطواقم لمدة نصف ساعة قبل السماح لهم بالتحرك.

من ناحية أخرى، استشهد قبل يومين الطفل أحمد سمار 13 عاماً من قرية اليامون غرب جنين، الذي لم يسمح جنود الاحتلال لوالدة بنقله للمستشفى بواسطة سيارة إسعاف لتلقي العلاج، حيث يحتاج السمار لعلاج بشكل مستمر من وقت لآخر في المستشفى.

وكان السمار احتاج لعلاج بعد تعرضه لوعكة صحية في منزله، واضطر والده لحمله والسير فيه مسافات طويلة في شوارع مدينة جنين مشياً على الأقدام حتى وصل إلى طوارئ المستشفى وهناك أعلن عن استشهاده؛ بسبب تأخره في الحصول على العلاج.

وفي مستشفى الرازي الواقع في حي المراح في البلدة القديمة من مدينة جنين تتمركز آليات الاحتلال على مدخل المستشفى مانعين طواقم الإسعاف من التحرك ونقل الإصابات.

يقول مدير مستشفى الرازي فواز حماد، وصلت إلى المستشفى 13 إصابة، واستشهد فلسطيني، فيما دخلت إصابة أخرى في حالة موت سريري ومن المتوقع الإعلان عن استشهاده في أي لحظة.

"كل هذه الإصابات وصلت إلى المستشفى بواسطة سيارات الفلسطينيين، ولم تنقل سيارات الإسعاف أي إصابة؛ بسبب منعها من الحركة من قوات الاحتلال، وفي حال نقل إي إصابة بسيارة إسعاف يتم إيقافها واعتقال المصابين من داخلها".

"الوضع الأصعب"

وأكد حماد أن غالبية الموجودين في المستشفى هم جرحى ولا يوجد حالات مرضية عادية، ويصف حماد الوضع بالأصعب منذ اجتياح عام 2002.

وتابع: "أنا عايشت الانتفاضة الأولى والثانية وكنت في هذا المستشفى وعايشت الاقتحامات كلها وأؤكد أن ما نراه اليوم لم نره من قبل، فالإصابات تكون في البطن والصدر، ويستخدم نوع من الأسلحة تعمل حفر داخل أجسام المصابين، فيأتي المصاب بتهتك في الكبد والطحال والكلى، وإذا تم علاجه فإنه قد يستشهد بعد فتره من العلاج".

ويذكر حماد أن قوات الاحتلال الموجودة على بعد 100 متر من المستشفى وتنادي على الطواقم الطبية من فترة إلى أخرى للخروج من المستشفى وإخلائه: "ينادون بالسماعات لنخرج ونحن لن نخرج، هذا مشهد مشابه لما حدث في مجمع الشفاء في غزة، ونحن نخشى أن يتم اقتحام المستشفى في أي لحظة".

وما يجري في مستشفى الحكومي والرازي في جنين ينطبق على مستشفى ابن سينا في الجزء الغربي من المدنية حيث يخضع لحصار الآليات، ولم يسمح بتحرك سيارات الإسعاف أو إدخال مرضى ومصابين.

إلى ذلك قال مدير الإسعاف في الهلال الأحمر بجنين محمود السعدي، إن قوات الاحتلال تمنع سيارات الإسعاف من الحركة رغم تلقينا اتصالات من ذوي الأمراض المزمنة، منوها إلى أن الطواقم لم تلبِ نهائيا أي نداء من داخل المخيم منذ عصر الأربعاء جراء حصاره المتواصل من قوات الاحتلال.

وأشار السعدي إلى وجود أكثر من 300 حالة من مرضى الكلى في جنين لا يستطيعون الوصول إلى المستشفى، وأن وصول سيارات الإسعاف لهم أصبح شبه مستحيل.

وكانت منظمة أطباء بلا حدود قالت صباح الخميس في بيان لها، إن الناس معرضون للموت في مخيم جنين؛ بسبب عدم تلقيهم للعلاج، وأكدت أن قوات الاحتلال أطلقت النار على سيارة إسعاف تقل مرضة فأصابتها بالرصاص وأدخلت العمليات على أثرها.

وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة إن مستشفيات مدينة جنين تتعرض لهجمة شرسة من جنود الاحتلال الذين يحاصرونها ويعرقلون عمل طواقم الإسعاف، وطالبت الأمم المتحدة بضرورة التدخل لحماية الطواقم والمراكز الطبية.

وفا