مؤتمر (النظام الصحي – الواقع والتحديات) يضع خارطة طريق لإصلاح القطاع الصحي في الأردن

مؤتمر (النظام الصحي – الواقع والتحديات) يضع خارطة طريق لإصلاح القطاع الصحي في الأردن
مؤتمر (النظام الصحي – الواقع والتحديات) يضع خارطة طريق لإصلاح القطاع الصحي في الأردن

درب الأردن - اختتم منتدى الأردن لحوار السياسات مؤتمره حول "النظام الصحي – الواقع والتحديات"، اليوم الثلاثاء، في فندق اللاند مارك، والذي جاء برعاية مندوب وزير الصحة، الدكتور رائد الشبول الأمين العام في وزارة الصحة، وناقش أبرز الإشكاليات التي تواجه القطاع الصحي الأردني، مقدمًا مجموعة من التوصيات الجوهرية التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية، وتحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة، وتعزيز الحوكمة والتمويل المستدام.

وناقش المؤتمر أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي في الأردن، وبالرغم من الإنجازات التي حققها الأردن في المجال الصحي، إلا أن النظام يواجه ضغوطًا متزايدة بسبب النمو السكاني، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وازدياد أعداد كبار السن واللاجئين، بالإضافة إلى محدودية التمويل، والازدواجية في التأمين الصحي، وهجرة الكوادر الطبية المدربة. كما يشهد القطاع تحديات تتعلق بضعف التنسيق بين الجهات الصحية المختلفة، والاعتماد الأكبر على الرعاية الثانوية والثالثية على حساب الرعاية الأولية.
وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر الوطني حول "النظام الصحي في الأردن- الواقع والتطلعات"، قال منتدى الأردن لحوار السياسات، الأستاذ الدكتور حميد البطاينة، إن هذا الحدث يأتي استجابة للتوجيهات الملكية السامية ورؤية التحديث الوطني، بهدف تحسين جودة الخدمات الصحية وتعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات الطبية.
وأشار البطاينة إلى أن المؤتمر يسعى إلى معالجة التحديات التي تواجه القطاع الصحي،وعلى رأسها هجرة الكفاءات الطبية، وإعادة هيكلة النظام الصحي لتعزيز الرعاية الأولية، وتحقيق التغطية الصحية الشاملة. كما شدد على أهمية تعزيز التنسيق بين القطاعين العام والخاص، وضبط النفقات المالية، وتطوير آليات الحوكمة والشفافية لضمان إدارة الموارد بكفاءة.

وأضاف البطاينة، أن المؤتمر سيبحث في توظيف التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات الصحية، مع العمل على إقرار تشريعات تضمن حماية البيانات الصحية الشخصية، مما يسهم في إعادة الثقة بالنظام الصحي الأردني محليًا وإقليميًا.

كما أكد البطاينة إن من أبرز أهداف المؤتمر هو إحياء السياحة العلاجية، نظرًا لدورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة الدخل من العملات الأجنبية، مشيرًا إلى أن المنتدى يسعى لوضع رؤية استراتيجية واضحة لإصلاح القطاع الصحي وضمان استدامته بما يلبي تطلعات المواطنين ويعزز مكانة الأردن في المجال الطبي عالميًا.

من جانبه، قال رئيس اللجنة الصحية في منتدى الأردن لحوار السياسات، اللواء المتقاعد الدكتور شوكت التميمي، وتحدث عن ضرورة إعادة النظر في آليات الحوكمة الصحية، مؤكدًا أن غياب التكامل بين القطاعات الصحية المختلفة يؤثر سلبًا على كفاءة النظام الصحي، مشددًا على أهمية وجود جهة وطنية موحدة لرسم السياسات الصحية والإشراف على تنفيذها بفعالية.

بدوره، قال اللواء المتقاعد الدكتور موسى العجلوني: "نحو مدخل شمولي لمواجهة تحدي الأمراض المزمنة في الأردن"، وركز العجلوني ، على أن الأمراض المزمنة تشكل عبئًا متزايدًا على النظام الصحي، مشيرًا إلى أن الحلول الفعالة تتطلب نهجًا وقائيًا أكثر شمولًا، يتضمن تعزيز أنماط الحياة الصحية، وتحسين التوعية الصحية، بالإضافة إلى تطوير آليات الكشف المبكر والعلاج الفعال.

من جانبه ، أكد رئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب الأردني، النائب الدكتور شاهر شطناوي، التزام مجلس النواب بدعم التشريعات التي من شأنها تحسين الخدمات الصحية في الأردن، لاسيما فيما يتعلق بتحقيق العدالة في التأمين الصحي، وتحديث التشريعات المتعلقة بالمساءلة الطبية، ودعم تمويل برامج الصحة العامة.

وعلى هامش المؤتمر ايضا، قال أمين عام وزارة الصحة، الدكتور رائد الشبول في كلمته،  إن وزارة الصحة تعمل على تنفيذ استراتيجيات وطنية تهدف إلى تعزيز الرعاية الصحية الأولية، والحد من الاكتظاظ في المستشفيات، وتعزيز الحوكمة الصحية. كما أشار إلى الجهود المبذولة في رقمنة القطاع الصحي وتحسين البنية التحتية الصحية في مختلف أنحاء المملكة.

وتخلل المؤتمر جلسات حوارية ونقاشات معمقة، حول مستقبل النظام الصحي، وتم مناقشة،  الحوكمة والتأمين الصحي، رئيس الجلسة،معالي الدكتور محمود الشياب، والمتحدثون، اللواء المتقاعد الدكتور يوسف القسوس: ناقش أهمية التشاركية بين مختلف القطاعات الصحية لضمان تقديم خدمات متكاملة، وتجنب الازدواجية في تقديم الخدمات الصحية.
كما قدم الدكتور علي السعد، رؤية شاملة لتحقيق التأمين الصحي الشامل في الأردن، مؤكدًا على ضرورة توفير تمويل مستدام لضمان نجاح هذه المبادرة.

واستعرض، العميد الطبيب أحمد صبيحات، قائد طب الميدان في الخدمات الطبية الملكية، دور الخدمات الطبية الملكية في أوقات الأزمات والكوارث، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز الاستعدادات الطبية لحالات الطوارئ.

وتناول الدكتور هاني بروسك الكردي / المجلس الصحي العالي،التحديات التي تواجه المجلس الصحي العالي، وسلط الضوء على أهمية تطوير آليات التخطيط الصحي لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للنظام الصحي الأردني.

أما الجلسة النقاشية الثانية، تم مناقشة "التعليم الطبي والصناعة الدوائية"، وتولى رئاسة الجلسة الثانية، الدكتور علي حياصات، والمتحدثون: الدكتور عبد الله البشير: ناقش التحديات التي تواجه التعليم والتدريب الطبي في الأردن، مشيرًا إلى ضرورة مواءمة المناهج الطبية مع احتياجات النظام الصحي.

وتطرّق ، النائب الدكتور عبدالهادي بريزات، إلى المساءلة الطبية والقانونية، وأهمية تحديث القوانين لضمان حماية حقوق المرضى والأطباء على حد سواء.

وتناول نقيب الأطباء الأردنيين، الدكتور زياد الزعبي، موضوع السياحة العلاجية في الأردن، مستعرضًا الفرص والتحديات التي تواجه هذا القطاع.

فيما تحدث رئيس اتحاد منتجي الأدوية الأردنية، طارق دروزة، عن مستقبل التصنيع الدوائي في الأردن، وأهمية دعم الصناعة الدوائية الوطنية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الاكتفاء الذاتي.

وعلى ضوء كلمات افتتاح المؤتمر وجلستي المؤتمر والأوراق العلمية التي تم مناقشتها قامت رئاسة المؤتمر بصياغة توصيات المؤتمر والتي تغطي 6 محاور على النحو التالي:

أولا: الحوكمة والإدارة


- استحداث هيئة وطنية عليا قادرة على رسم السياسات الصحية وحوكمة النظام الصحي بكافة قطاعاته على اساس تكاملي وليس تنافسي مع التزام الدولة السياسي بتوفير التغطية الصحية الشاملة.

ثانيا: التمويل والتأمين الصحي

- اعتماد خارطة طريق واضحة المعالم لتحقيق التغطية الصحية الشاملة بحلول عام 2030 وتشكيل فريق عمل وطني لوضع برامج وآليات لتنفيذها.

- تطوير نظام عادل لتحديد اجور الأطباء يمنع تفرد جهة معينة وتعديل التشريعات الحالية بحيث يتم تحديد هذه الأجور بالتشاور والتوافق مع الجهات المعنية .

ثالثا: تقديم الخدمات الصحية

- دعم وتقوية الرعاية الصحية الأولية وبرامج الوقاية من الأمراض المزمنة وضبط التوسع الأفقي للمستشفيات الحكومية وربطه بالحاجات الصحية الفعلية والحد من التوسع غير المبرر لتوجيه الأموال لدعم الرعاية الصحية الأولية مع إيجاد آلية ونظام تحويلي فعال وصارم لجعل الرعاية الصحية الأولية المدخل الرئيسي لتلقي الخدمات الصحية.

- دعم السياحة العلاجية وفتح اسواق جديدة لجذب المرضى للعلاج في الأردن مع تعديل قانون المسؤلية الطبية بحيث يلزم المؤسسات الصحية على وجود آليات محددة لضمان سلامة المرضى والحد من الأخطاء الطبية.

رابعا: الموارد البشرية الصحية

- دعم المجلس الطبي الأردني وتطوير آليات عمله وتشكيل لجان الإختصاص بمهنية مع ايجاد آلية لربط مدخلات ومخرجات التعليم الأكاديمي الطبي والصحي بحاجات النظام الصحي كما ونوعا.

- تعزيز وتدريب الكوادر الطبية والصحية والفنية والإدارية لكافة القطاعات الصحية الحكومية لتمكينها من القيام بالواجبات المطلوبة منها وخدمة الأعداد المتزايدة من المراجعين.

خامسا: التكنولوجيا الطبية والدواء

- زيادة الإعتماد على الدواء الأردني في القطاعين العام والخاص وتحفيز الصناعات الدوائية المحلية ومساعدتها في فتح أسواق جديدة.

- مراجعة أسس تسعير الدواء المستورد والعمل بشكل جدي على خفض أسعاره مقارنة مع السوق الإقليمي بالإضافة إلى زيادة عدد المستلزمات الطبية الخاضعة للتسعير وذلك لضمان عدالة الاسعار للمواطنين.

- اعتماد مشروع النشرة الدوائية الإلكترونية لضمان سهولة الحصول على المعلومات الدوائية الحديثة للمرضى من كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة.

سادسا: نظام المعلومات الصحية

- التوسع في برامج الصحة الإلكترونية Health- بحيث يشمل السجل الطبي للمريض مما يسهل تتبع حالة المريض للتمكن من إرسال تنبيهات خاصة للمتابعة الدورية للتقليل من زيارات المرضى غير المبرمجة للمؤسسات الصحية، مما يوفر الوقت والجهد والمال ويحد من انتقال العدوى.

- العمل على سن التشريعات الواضحة لضمان حماية البيانات الصحية الشخصية وذلك تمهيدا إلى استخدام أحدث التقنيات في مجال التحول الرقمي وبرامج الذكاء الاصطناعي


ويُشكل هذا المؤتمر نقطة تحول في مسار إصلاح القطاع الصحي في الأردن، حيث وضعت توصياته حجر الأساس لنظام صحي أكثر استدامة وعدالة، يضمن حق الجميع في الحصول على رعاية صحية ذات جودة عالية.