كيف تصبح العقبة مدينة ذكية بمستوى دبي؟
درب الأردن -
كتب أ.د. محمد الفرجات
تحويل العقبة إلى مدينة ذكية بمستوى عالمي يتطلب رؤية شاملة تمزج بين الابتكار التكنولوجي، الاستدامة البيئية، والتخطيط الاقتصادي المدروس. هذه الرؤية ترتكز على تبني حلول ذكية في مختلف القطاعات، مع التركيز على توسيع القاعدة الاقتصادية والسياحية للمدينة، ما يضمن توفير فرص عمل جديدة وزيادة جاذبيتها للاستثمار والسياحة. كل ذلك مع تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وتحسين جودة الحياة للسكان.
1. الموازنة الذكية لمفوضية العقبة
لتعزيز القدرة الاقتصادية للعقبة، يجب على مفوضية العقبة تبني موازنة ذكية تُركز على المشاريع الرأسمالية والتشغيلية التي تحقق أقل تكلفة مع أفضل جودة وأعلى كفاءة. من خلال هذه الموازنة، يمكن توجيه الاستثمار نحو القطاعات الواعدة، مثل الطاقة المتجددة والنقل الذكي، مع ضبط النفقات وزيادة الإيرادات.
تطبيق الموازنة الذكية سيسهم في تعزيز فرص العمل في مشاريع البنية التحتية الذكية، مثل النقل العصري الجماعي، والطاقة المتجددة، ويُسهم أيضًا في جذب الاستثمارات المحلية والدولية، مما يزيد من جاذبية العقبة كمدينة استثمارية عالمية.
2. المصفوفة الرقمية الذكية لإدارة المشاريع
لتنفيذ هذه الرؤية بنجاح، من الضروري اعتماد مصفوفة رقمية ذكية لإدارة المشاريع. هذه المصفوفة تُمكن من متابعة وتقييم المشاريع الحالية والقادمة، وتراقب المؤشرات والمخرجات بناءً على شروط مرجعية محددة وخطط تمويلية وزمنية. من خلال هذه الأداة، يمكن متابعة تقدم المشاريع بفعالية، وتحديد العقبات ومعالجتها بسرعة.
تطبيق هذه المصفوفة سيوفر أيضًا بيئة مناسبة للاستثمار، حيث تقدم للمستثمرين رؤية واضحة للمشاريع الحالية والمستقبلية، مما يزيد من ثقتهم في الاستثمار بالعقبة. كما أنها تُسهم في توجيه الابتكار نحو المشاريع التي تُحقق أفضل النتائج الاقتصادية والبيئية.
3. النقل العصري الجماعي الذكي
تطوير نظام نقل ذكي يعتمد على الحافلات الكهربائية والنقل العام المتصل بالإنترنت سيقلل من التلوث ويسهم في تخفيف الازدحام. هذا النظام ليس فقط صديقًا للبيئة، بل يخلق فرص عمل جديدة في مجالات التشغيل والتكنولوجيا. تجارب مثل النقل الذكي في دبي تُظهر كيف يمكن تحسين حركة المرور وتقديم خدمات مريحة وسريعة للمواطنين والسياح.
النقل الذكي يجعل التنقل داخل المدينة أكثر جاذبية للسياح، ويقلل من تكاليف النقل، مما يعزز جاذبية العقبة كوجهة سياحية واستثمارية.
4. حلول الذكاء الاصطناعي لخدمة القطاعات المختلفة
إدخال حلول الذكاء الاصطناعي لتحسين أداء القطاعات المختلفة سيسهم في تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل إدارة المرور، الرعاية الصحية، التعليم، والصناعة. مثلًا، يمكن استخدامه لتحليل البيانات البيئية وتطوير استراتيجيات للتكيف مع التغير المناخي.
في العقبة، سيسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين أداء قطاعات السياحة، الصحة، والخدمات اللوجستية، مما يزيد من جاذبية المدينة للشركات التقنية والمستثمرين الباحثين عن بيئة داعمة للتكنولوجيا.
5. تمكين الابتكار ومشاريع الشباب
إطلاق حاضنات الأعمال لدعم الابتكار ومشاريع الشباب سيسهم في تحويل الأفكار إلى منتجات اقتصادية، مما يعزز دور العقبة كمركز إقليمي للابتكار. تجربة برلين في دعم الشركات الناشئة تُظهر كيف يمكن أن يساهم الابتكار في نمو الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.
تمكين الشباب يُمكن أن يفتح المجال لقطاعات جديدة في العقبة، مثل التكنولوجيا النظيفة والسياحة الذكية، ما يعزز من تنافسية المدينة وزيادة جاذبيتها للمستثمرين.
6. حلول التكيف مع التغير المناخي
العقبة، باعتبارها مدينة ساحلية، تواجه تحديات بيئية كبيرة نتيجة التغير المناخي. تبني حلول بيئية مثل استخدام الطاقة المتجددة والزراعة الذكية باستخدام المياه المحلاة سيعزز من الأمن الغذائي المحلي. من خلال هذه الحلول، يمكن أيضًا خلق فرص عمل في قطاع الزراعة والتكنولوجيا البيئية.
على غرار تجارب دول مثل هولندا في التعامل مع التغيرات المناخية، يمكن للعقبة أن تستفيد من حلول التكيف الذكية لتقليل آثار الجفاف وزيادة الاستدامة البيئية.
7. مشاريع الطاقة الذكية والمستقبلية
الاستثمار في مشاريع الطاقة الذكية مثل الطاقة الشمسية سيُقلل من الاعتماد على الوقود التقليدي، ويوفر تكاليف الطاقة، ويخلق فرص عمل جديدة في مجال الطاقة المتجددة. العقبة، بتبني هذه الحلول، يمكن أن تصبح نموذجًا لمدن ذكية تعتمد على الطاقة النظيفة، مثل تجربة كاليفورنيا في تبني مشاريع الطاقة الشمسية.
تحقيق هذا النموذج سيزيد من جاذبية العقبة للاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة ويجعلها وجهة رائدة للشركات التي تبحث عن بيئة مستدامة.
8. إدارة المخلفات وتحقيق "زيرو مخلفات"
إدارة المخلفات بطرق ذكية لتحقيق "زيرو مخلفات" يمكن أن يكون جزءًا من رؤية العقبة كمدينة ذكية مستدامة. من خلال استثمار تقنيات إعادة التدوير وتحويل المخلفات إلى موارد، يمكن خلق فرص عمل في قطاع إدارة المخلفات وتعزيز الاستدامة البيئية.
على غرار ما تفعله سان فرانسيسكو، يمكن للعقبة أن تتبنى نموذجًا لإدارة المخلفات الصلبة والسائلة، مما يعزز من جاذبيتها كمدينة خضراء ومستدامة، ويجذب السياح المهتمين بالبيئة.
9. توسيع قاعدة المنتج السياحي
لزيادة جاذبية العقبة السياحية، من الضروري توسيع قاعدة المنتج السياحي لتشمل السياحة البيئية، وسياحة المناطق الجافة، والأودية، وممرات جبال الجرانيت. يمكن أيضًا تسليط الضوء على السياحة التراثية وسياحة طاقة معادن الجرانيت الإيجابية، بالإضافة إلى تطوير سياحة التكيف والتعايش مع الجفاف.
توسيع قاعدة السياحة لا يسهم فقط في جذب أنواع جديدة من السياح، بل يوفر فرص عمل في قطاعات جديدة مثل الإرشاد السياحي، وتنظيم الرحلات البيئية، والاستثمارات في البنية التحتية السياحية.
10. التعليم الذكي والتطبيقي
التعليم الذكي يُعتبر أساسًا لتأهيل الأجيال القادمة للعمل في الاقتصاد القائم على التكنولوجيا. من خلال إدخال المناهج التكنولوجية وتوفير تعليم تطبيقي، يمكن تجهيز الطلاب للعمل في القطاعات الناشئة مثل الطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي.
تجارب مثل فنلندا تُظهر كيف يمكن أن يُسهم التعليم الذكي في تحسين مستوى الطلاب وتهيئتهم لسوق العمل، مما يوفر للعقبة ميزة تنافسية إضافية في مجالات التعليم والسياحة التعليمية.
11. البحث العلمي لتعزيز الصناعات والسياحة
تشجيع البحث العلمي التطبيقي يعزز من تطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة، مثل السياحة، الصناعة، والخدمات. دعم مراكز الأبحاث يمكن أن يساهم في تحسين أداء هذه القطاعات، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز جاذبية العقبة للمستثمرين.
العقبة يمكن أن تستفيد من تجربة الولايات المتحدة في دعم الأبحاث العلمية التطبيقية، ما يُعزز من نمو الصناعات المحلية ويجذب المستثمرين الذين يبحثون عن بيئة تركز على الابتكار.
12. التوازن بين التنمية الاقتصادية والجوانب الإنسانية
تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والجوانب الإنسانية مثل الصحة، البيئة، والرفاه النفسي للسكان هو مفتاح نجاح أي مدينة ذكية. العقبة يجب أن تستلهم من تجارب مثل كوبنهاجن، حيث يُعتمد على تحقيق استدامة اقتصادية متوازنة مع تحسين جودة الحياة.
التركيز على تطوير المرافق الصحية والتعليمية، جنبًا إلى جنب مع تحسين البيئة والموارد الطبيعية، سيجعل العقبة أكثر جاذبية للسكان والمستثمرين، ويضمن استدامة التنمية.
13. الشراكة بين القطاعين العام والخاص
تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص سيُمكن من تحقيق الأهداف الطموحة للعقبة. من خلال التعاون بين القطاع الحكومي والشركات الخاصة، يمكن تسريع تنفيذ المشاريع الكبيرة، وتحسين كفاءة الخدمات، وزيادة التمويل المتاح لتطوير البنية التحتية.
تجربة دبي الناجحة في الشراكة بين القطاعين تعتبر نموذجًا يمكن أن تحتذي به العقبة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية وجذب المزيد من الاستثمارات.
تحويل العقبة إلى مدينة ذكية بمستوى دبي يتطلب رؤية متكاملة تجمع بين التكنولوجيا، الابتكار، والاستدامة، مع التركيز على تطوير البنية التحتية الذكية، وتنويع قاعدة الاقتصاد والسياحة، ودعم الابتكار ومشاريع الشباب. التوازن بين التنمية الاقتصادية والبيئية والاجتماعية هو المفتاح لتحقيق هذا التحول. من خلال تبني سياسات ذكية، وتطبيق الموازنة الذكية، وتوسيع قاعدة المنتج السياحي، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يمكن للعقبة أن تصبح وجهة عالمية جاذبة للاستثمار والسياحة.
المدينة الذكية لا تعني فقط استخدام التكنولوجيا، بل تتعلق أيضًا بإيجاظ بيئة مستدامة تُحسن حياة السكان وتوفر فرصًا اقتصادية جديدة. التركيز على التعليم الذكي، البحث العلمي التطبيقي، والشبكات الذكية من شوارع ومياه وكهرباء، يجعل العقبة ليست فقط مدينة ذكية بل نموذجًا عالميًا للتنمية المستدامة. كل هذا سيؤدي إلى توفير المزيد من فرص العمل، تحسين جودة الخدمات، وجعل العقبة مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا في المنطقة.