كيف انتهى حكم بشار الأسد خلال 11 يوما؟
درب الأردن - أفاق سكان العاصمة على مظاهر ابتهاج مع إطلاق الرصاص في الهواء احتفالًا لساعات، مترافقًا مع تكبيرات المساجد والهتافات والزغاريد، وأسقط جمع من السوريين تماثيل للرئيس الراحل حافظ الأسد في ساحات دمشق والمحافظات الساحلية.
تاريخ لن ينساه الشعب السوري الأحد، الـ 8 من كانون الثاني، بعد إنهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وفقدانه للسيطرة على العاصمة دمشق التي دخلها القوات السورية من كل حدب وصوب من معارضة ومقاتلين وفصائل مسلحة فجر اليوم الأحد، وذلك بعد 24 عاما من "الهارب " بشار الأسد، من ضمنها 13 عاما منذ اندلاع الاحتجاجات في عام 2011، حين انزلقت الأوضاع إلى أسوأ نزاع دموي امتد لأكثر من 13 عامًا.
شرارة أكبر
منذ 27 تشرين الثاني، من الشهر الماضي، بدأت شرارة أكبر تغيير تشهده سوريا منذ أكثر من نصف قرن، حيث بدأ الأمر مع شن "هيئة تحرير الشام" وفصائل حليفة لها، هجومًا واسعًا في شمالي البلاد، انتهى بإعلانها دخول دمشق و"هروب" بشار الأسد.
في هذا اليوم، أعلنت هيئة تحرير الشام، إضافة إلى فصائل معارضة مسلحة حليفة لها، بدء هجوم على مناطق تسيطر عليها القوات الحكومية السورية، في شمال البلاد انطلاقًا من محافظة إدلب (شمال غرب)، أبرز معاقل المعارضة. وأسفرت المعارك عن مقتل 141 شخصًا في يوم واحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي 28 تشرين الثاني، حققت الفصائل المعارضة تقدمًا ميدانيًا سريعًا نحو حلب، كبرى مدن شمال سوريا وثاني كبرى مدن البلاد. وتمكنت من قطع الطريق الرئيس بينها وبين دمشق.
وأعلن المرصد أن الفصائل قطعت "طريق دمشق-حلب الدولي (إم 5) عند بلدة الزربة في ريف حلب، إضافة إلى السيطرة على عقدة الطريقين الدوليين إم 4 وإم 5 عند مدينة سراقب"، ما أدّى إلى توقّف الطريق الدولي عن العمل بعد سنوات من إعادة فتحه.
ووصل المسلحون المعارضون في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أبواب مدينة حلب بعد تقدم سريع في ريف المحافظة، وسيطرتهم على أكثر من 50 قرية وبلدة.
وفي 30 تشرين الثاني، سيطرت فصائل المعارضة على معظم أحياء مدينة حلب إضافة إلى مطارها الدولي والمباني الرسمية والسجون. ليشنّ الطيران الروسي غارات جوية كانت الأولى على المدينة منذ استعادة قوات الجيش السوري السيطرة عليها بالكامل في العام 2016. وتقدمت المعارضة بشكل إضافي في محافظة إدلب وسيطرت على مدينة سراقب.
خارج السيطرة
أصبحت مدينة حلب خارج سيطرة الجيش السوري بشكل كامل في أول كانون الأول، للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011، مع استحواذ هيئة تحرير الشام والفصائل الحليفة لها على كل أحيائها باستثناء الكردية منها.
وتوعّد الأسد باستخدام "القوة" للقضاء على "الإرهاب"، وفق ما أوردت الرئاسة، معتبرًا أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أيًا كان داعموه ورعاتُه". وأسفرت ضربات روسية على إدلب عن مقتل ثمانية أشخاص، بحسب المرصد.
وفي هجوم موازٍ، شنت فصائل مسلحة مدعومة من تركيا هجوما للسيطرة على مدينة تل رفعت (شمال) وطرد القوات الكردية منها في 2 كانون الأول.
رأى الأسد أن الهجوم في شمال سوريا محاولة "لتقسيم المنطقة.. وإعادة رسم خرائطها". وقال خلال اتصال مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، وفق ما أوردت الرئاسة السورية، "ما يحصل من تصعيد إرهابي يعكس أهدافًا بعيدة في محاولة تقسيم المنطقة وتفتيت دولها وإعادة رسم الخرائط من جديد"، مؤكدًا أن "التصعيد لن يزيد سوريا وجيشها إلا إصرارًا على المزيد من المواجهة".
بدورها، أكدت طهران وموسكو على دعم دمشق. وقامت طائرات روسية وسورية بقصف مناطق تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً على الأقل.
حماة ثم حمص.. قلب سوريا
في 5 كانون الأول/ ديسمبر، سيطرت فصائل المعارضة على مدينة حماة (وسط) بشكل مفاجئ رغم التحشيد الكبير الذي نفذه الجيش السوري على تخوم المدينة. ليبدأ بعدها آلاف السكان بمغادرة حمص، ثالث كبرى مدن البلاد، في ظل التقدم الذي تحققه الفصائل المسلحة، مع تجاوز حصيلة أسبوع من القصف والمعارك 700 قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.وفي 7 كانون الأول، أعلنت فصائل المعارضة أنها سيطرت على مدينة حمص الإستراتيجية، لتقترب بذلك من العاصمة حيث قالت السلطات السورية إنها فرضت "طوقاً أمنياً وعسكرياً قوياً".
اعتبر قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني أن السيطرة على حمص هي "الحدث التاريخي الذي سيفصل بين الحق والباطل"، وذلك بُعيد إعلان الفصائل توغلها داخل أحياء المدينة لتمشيطها إثر انسحاب القوات الحكومية منها.
وشهد اليوم عينه إعلان الفصائل المعارضة أنها تقترب من دمشق، بينما فقدت القوات الحكومية السيطرة على محافظات درعا والسويداء والقنيطرة بجنوب البلاد.
دبلوماسياً، اعتبرت موسكو أنه من غير المقبول أن تتولى "جماعة إرهابية" حكم سوريا، بينما شهدت العاصمة القطرية الدوحة اجتماعًا بين وزراء خارجية دول "أستانا" روسيا وإيران وتركيا، للبحث في تسارع الأحداث في سوريا. تلاه اجتماع ضم خمس دول عربية هي المملكة العربية السعودية وقطر ومصر والأردن والعراق إضافة لثلاثي أستانا (روسيا وتركيا وإيران)، دعا للحفاظ على وحدة الأراضي السورية ولمفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة.
الدخول إلى العاصمة
مع تقدم ساعات ليل السابع من كانون الأول، أعلنت فصائل المعارضة والقوات أن قواتها بدأت بدخول دمشق. في الموازاة، أفاد مصدر مقرب من حزب الله اللبناني أن الفصيل الحليف للنظام السوري، سحب عناصره من محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان.
وفي 8 كانون الأول، أعلنت فصائل المعارضة "هروب" الأسد، و"بدء عهد جديد" لسوريا، بعد دخول قواتها دمشق. فيما أعلن رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي استعداده لتسليم المؤسسات إلى أي "قيادة" يختارها الشعب.