كتبت ناريمان خوالد: الهدوء ما قبل العاصفة

درب الأردن - كتبت ناريمان خوالد: الهدوء ما قبل العاصفة
بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية في الأردن، بدا المشهد السياسي وكأنه يعيش حالة من الهدوء النسبي، أشبه بـ "هدوء ما قبل العاصفة". الأحزاب السياسية التي شاركت في الانتخابات وجدت نفسها في مواجهة تحديات كبرى، حيث لم تعد المسألة مجرد الحصول على مقاعد في البرلمان، بل تتعلق بما ستفعله تلك الأحزاب في الفترة القادمة لتعزيز حضورها وتأثيرها في الساحة السياسية.
وفي ضوء هذه المعطيات والنتائج البرلمانيه يمكن القول إن الأداء الحزبي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة كان دون التوقعات. ورغم وجود قوانين تشجع على التمثيل الحزبي في البرلمان، إلا أن النتائج كشفت عن ضعف تنظيم الأحزاب وعجزها عن حشد دعم جماهيري واسع. وكيفية الانتخاب وآليته فعليا كان السبب الأقوى، ويعود ذلك إلى عدة عوامل، من بينها غياب الثقة لدى الناخبين في قدرة الأحزاب على تحقيق التغيير المطلوب، بالإضافة إلى تداخل الولاءات العشائرية والمناطقية مع الهوية الحزبية، وأخيراً إلى سرعة تنفيذ المرحلة الحزبية.
الأحزاب الأردنية تعي جيدًا أن الفترة المقبلة ستكون حاسمة و هناك دعوات متزايدة من داخل الأوساط السياسية والشعبية لتطوير الحياة الحزبية وتعزيز المشاركة تترجم في تحركات ما بعد الانتخابات من الاستقالات والتنقلات الحزبية بعد الانتخابات، وقد تشهد الأحزاب السياسية استقالات أو انشقاقات من أعضائها نتيجة اختلافات في التوجهات أو استياء من النتائج. كما يمكن أن ينضم نواب إلى أحزاب أخرى لتحقيق توافق أكبر مع توجهاتهم الشخصية أو لتحقيق مصالح سياسية و إعادة التشكيلات السياسية التي قد تؤدي ا إلى تشكيل تحالفات سياسية جديدة أو إعادة هيكلة التحالفات القائمة للتكيف مع الواقع الجديد في البرلمان وتشكيل كتل قوية للتأثير على عملية اتخاذ القرار .
أهمية التوازن الجغرافي والسياسي في الانتخابات وقد كان الخطوة الاولى في نجاح من وصلو الو المجلس النيابي من احزاب و عليه وجب على الاحزاب ترسيخ وجودها في مناطق جغرافية تستفيد من انتشارها لتعزيز دعمها السياسي وتوسيع قاعدة ناخبيها في هذه المناطق لا سيما بين المناطق الحضرية والريفية وبعض الأحزاب بدأت بالفعل في مراجعة أدائها وإعادة تنظيم صفوفها، استعدادًا للمرحلة المقبلة. التحركات داخل هذه الأحزاب تشير إلى نواياها للاستفادة من الانتقادات الموجهة لها في محاولة لاستعادة ثقة الناخبين.
على الرغم من الهدوء الظاهري، هناك إشارات تدل على أن الساحة السياسية الأردنية قد تشهد تغيرات هامة في الفترة المقبلة. قد تدفع الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد نحو تصاعد المطالب الشعبية بالإصلاح السياسي والاقتصادي ولا ننسى التوترات الإقليمية في المنطقة واهمها القضية الفلسطينية والعلاقات مع دول الجوار وعليه ستكون الأحزاب الأردنية أمام تحدي كبير لتحديد موقفها من هذه المطالب وكيفية التفاعل معها، إما من خلال طرح برامج واقعية وجاذبة، أو من خلال تفعيل دورها في البرلمان بشكل أكبر.
ختاما
هدوء ما بعد الانتخابات قد لا يستمر طويلاً. هناك حالة ترقب وانتظار لما ستؤول إليه الأمور في الأشهر القادمة سواء على صعيد الأحزاب أو على مستوى الشارع الأردني. الأحزاب السياسية أمامها فرصة حقيقية لإثبات وجودها من خلال تحسين أدائها وتنظيم صفوفها، ولكن يبقى السؤال: هل ستكون قادرة على مواجهة العاصفة المقبلة؟