مقايضة الطاقة بالمياه لاسترداد الحقوق المائية من الشقيقة سوريا..
ضرورة إنشاء مركز وطني للتغيرات المناخية
درب الأردن -عقد منتدى الابتكار والتنمية الأردني ندوة وطنية متخصصة بعنوان “الماء ومستقبل الأردن: حلول ممكنة لأزمة معقدة”، بمشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار لبحث حلول عملية ومستدامة لمواجهة أزمة المياه في المملكة.
ويأتي ذلك في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأمن المائي في الأردن وتأخر تنفيذ مشروع الناقل الوطني حتى ما بعد عام 2030
مشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار:
الندوة، التي نظمها منتدى الابتكار والتنمية الأردني بالتعاون مع منتدى الشرق الأوسط للمياه وحزب إرادة وكتلة الوسط الإسلامي النيابية، شهدت حضور شخصيات بارزة من مختلف القطاعات، أبرزهم:
• معالي الدكتور صالح أرشيدات (نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق ووزير المياه السابق، ومحاور الندوة الرئيسي).
• معالي الدكتور حازم الناصر (وزير المياه والري الأسبق).
• سعادة الدكتور مصطفى ياغي (نائب سابق عن حزب إرادة).
• سعادة المهندس أحمد العربيد (رئيس المركز العربي للمناخ).
• سعادة النائب د. عمر الخالدي (عضو لجنة المياه في مجلس النواب الحالي).
• الأستاذ الدكتور محمد الفرجات (خبير جيولوجي ومخطط إستراتيجي، ومؤسس منتدى الابتكار والتنمية الأردني).
• المهندس رائد الصعوب (الأمين العام السابق للاتحاد العربي للأسمدة، ومنسق الندوة).
أكد المتحدثون أن أزمة المياه في الأردن ليست مجرد تحدٍ اقتصادي، بل تهديد وجودي يتطلب حلولًا جذرية وسريعة، في ظل التراجع المستمر للموارد المائية التقليدية والطلب المتزايد على المياه.
الآبار العميقة: الحل الأمثل على المدى القريب
مع استمرار تأخر تنفيذ مشروع الناقل الوطني، شدد معالي الدكتور صالح أرشيدات ومعالي الدكتور حازم الناصر على ضرورة البحث عن حلول أكثر سرعة وكفاءة، مشيرين إلى أن الآبار الجوفية العميقة تُمثل حلاً اقتصاديًا وعاجلًا لتوفير المياه العذبة، مقارنةً بمشاريع تحلية مياه البحر التي تتطلب استثمارات ضخمة وبنية تحتية معقدة.
وأوضح الدكتور الناصر أن لدى الأردن تجارب ناجحة في استغلال موارد المياه الجوفية العميقة، والتي أُثبتت فعاليتها في توفير مصادر مياه صالحة للشرب، داعيًا إلى توسيع نطاق هذه التجربة لسد العجز المائي الحالي.
وبهذا الخصوص فصل الدكتور حازم الناصر الوضع الجيولوجي خلال الندوة، وذلك لإمتداد وسماكة طبقات الرمال الحاملة للمياه الجوفية العميقة ومكامنها تحت المملكة.
وأكد كذلك على العوائد الممكنة لهذا الخيار؛ كتجنب أزمات المياه وتبعاتها السياسية والاجتماعية على البلاد، وتوفير المياه للقطاعات المنزلية والسياحية والصناعية، ومساهمتها بزيادة المياه العادمة المعالجة ودورها في تغطية الحاجات الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي، وزيادة الرقعة الخضراء والحد من ثاني أكسيد الكربون الذي يفاقم من التغير المناخي.
وأشار الخبراء إلى أن الاستثمار في المياه الجوفية العميقة يُعد أكثر جدوى على المدى القريب والمتوسط، إذ يمكن حفر الآبار وتشغيلها في غضون أشهر قليلة، مع إحتمال الحاجة أحيانا لمعالجتها لخفض الملوحة والتخلص من أية مواد غير مرغوبة، كالفلزات الثقيلة ومخرجات الاشعاع إن تطلب الأمر (مع توفر التكنولوجيا عالميا وبكلف منخفضة)، في حين أن مشاريع التحلية تتطلب سنوات طويلة حتى تصبح جاهزة للعمل، فضلا عن الكلف العالية على المواطن للمياه المحلاة واصلة للمنازل بعد التحلية والضخ من مسافات بعيدة وفروق إرتفاعات عالية.
مقايضة الطاقة بالمياه لاسترداد الحقوق المائية المسلوبة من سوريا:
تناولت الندوة الحقوق المائية الأردنية في نهر اليرموك، حيث قامت الحكومات السورية السابقة ببناء سدود تخالف الإتفاقية معهم وكانت قد قلصت حصة الأردن من 200 مليون م³ إلى أقل من 80 مليون م³ سنويًا، مما أثر بشكل مباشر على المخزون المائي الوطني.
وفي هذا السياق، قدم سعادة الدكتور مصطفى ياغي مقترحًا استراتيجيًا يتمثل في مقايضة الطاقة بالمياه، بحيث يقوم الأردن بتزويد سوريا بالكهرباء مقابل استعادة الحصة الكاملة للمياه التي يستحقها، معتبرًا أن هذا النموذج يمثل حلًا عمليًا ومستدامًا يعيد الحقوق المائية الأردنية دون الحاجة إلى مواجهات دبلوماسية معقدة.
وقد لاقى هذا المقترح مباركة ودعمًا قويًا من سعادة النائب عمر الخالدي، عضو لجنة المياه في مجلس النواب الحالي، الذي شارك بفعالية في النقاشات، مؤكدًا أن هذه الخطوة يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة الأردنية، لا سيما وأن الأردن أصبح منتجًا ومصدرًا رئيسيًا للطاقة الكهربائية في المنطقة.
وأشار المتحدثون إلى أن الأردن قادر على توظيف موارده في الطاقة المتجددة كأداة تفاوضية لاستعادة حقوقه المائية المهدورة، وهي استراتيجية يمكن أن تضمن تدفقًا مستدامًا للمياه بعيدًا عن الأزمات السياسية التقليدية.
إنشاء مركز وطني للتغيرات المناخية: الحل المستدام لإدارة المياه والطاقة والزراعة
مع تسارع التغيرات المناخية وانخفاض معدلات الهطول المطري، دعا الخبراء إلى ضرورة إنشاء مركز وطني للتغيرات المناخية يكون مسؤولًا عن إدارة العلاقة بين المياه والطاقة والزراعة، بحيث يتم وضع سياسات تكيف مستدامة لمواجهة التحديات البيئية المستقبلية.
وقدّم المهندس أحمد العربيد تصورًا متكاملًا لهذا المركز، مشيرًا إلى أنه سيساهم في:
• رصد وتحليل تأثيرات التغير المناخي على الموارد المائية.
• إدارة مشاريع الاستمطار الصناعي لتعويض نقص الأمطار.
• تطوير تقنيات الحصاد المائي الحديث لتعزيز المخزون المائي الوطني.
• توظيف الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بموجات الجفاف وإدارة توزيع المياه بكفاءة أكبر.
وأكد العربيد أن إنشاء مثل هذا المركز سيجعل الأردن قادرًا على التعامل مع أزمات المياه والطاقة والزراعة بطرق علمية ومدروسة، بعيدًا عن الحلول الطارئة والقصيرة الأجل.
توصيات الندوة: حلول عملية لمستقبل المياه في الأردن
خرجت الندوة بعدد من التوصيات المهمة التي يمكن أن تشكل نقطة تحول في إدارة ملف المياه في الأردن، وأبرزها:
1. الإسراع في تنفيذ مشروع إستكشاف وإستغلال المياه الجوفية العميقة ومباشرة الحفر واولويات المعالجة إن تطلب الأمر لتقابل معايير مياه الشرب، كحل مؤقت حتى استكمال مشروع الناقل الوطني بعد عام 2030.
2. تفعيل المفاوضات الإقليمية مع سوريا لاستعادة الحصة المائية الأردنية من نهر اليرموك، وذلك عبر مقايضة الطاقة بالمياه بطريقة تحقق مصالح الطرفين.
3. إنشاء مركز وطني متكامل للتغيرات المناخية يكون مسؤولًا عن إدارة المياه والطاقة والزراعة وفق استراتيجيات مستدامة، لمواجهة تحديات المستقبل بطرق أكثر كفاءة.
ختامًا: رؤية استراتيجية لمستقبل المياه في الأردن:
أكد منتدى الابتكار والتنمية الأردني، بقيادة مؤسسه الأستاذ الدكتور محمد الفرجات، أن هذه التوصيات ليست مجرد أفكار نظرية، بل حلول قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، داعيًا إلى تحرك فوري من الحكومة الأردنية لتبني هذه المقترحات، وبالأخص الحفر العميق، وقبل أن نعطش، وذلك أمام تأخر الأمطار ونضوب الآبار العاملة وزيادة السكان والطلب على الماء لكافة القطاعات.
بدوره، شدد المهندس رائد الصعوب، الأمين العام السابق للاتحاد العربي للأسمدة ومنسق الندوة، على أن الوقت لم يعد في صالح الأردن، مضيفًا:
“الأمن المائي ليس مجرد قضية فنية، بل قضية سيادية تتطلب قرارات جريئة وحلولًا عملية بعيدًا عن التأجيل والمماطلة.”
منتدى الابتكار والتنمية الأردني
مؤسس المنتدى: الأستاذ الدكتور محمد الفرجات
منسق الندوة: المهندس رائد الصعوب، الأمين العام السابق للاتحاد العربي للأسمدة
شاهد الندوة كاملة على يوتيوب:
لمتابعة التفاصيل الكاملة للندوة، يمكن مشاهدة التسجيل الكامل عبر الرابط التالي:
شاهد ندوة “الماء ومستقبل الأردن: حلول ممكنة لأزمة معقدة”