الفرجات يكتب: أمانة عمان وبلمسة سحرية ستحقق ما عجزت عنه الحكومات لعقود لندعم جميعا مبادرتها !
الفرجات يكتب: أمانة عمان وبلمسة سحرية ستحقق ما عجزت عنه الحكومات لعقود لندعم جميعا مبادرتها !
درب الأردن - كتب أ.د. محمد الفرجات
لطالما كان النقل الجماعي في الأردن أحد أبرز التحديات التي تعيق التحرك السلس للمواطنين، حيث ظل هذا القطاع لعقود يعتمد على أنظمة عشوائية تفتقر للتنظيم والفعالية. لكن اليوم، مع إطلاق أمانة عمان لمبادرة الدفع الإلكتروني، نخطو خطوة جبارة نحو نقل هذا القطاع إلى المستقبل، مع تحقيق قفزة نوعية في تقديم الخدمات ورفع كفاءتها.
التحول إلى النقل الجماعي الذكي:
أعلنت أمانة عمان أن خاصية الدفع الإلكتروني لن تقتصر فقط على تسهيل معاملات الركاب، بل ستمهد الطريق لتحليل شامل ودقيق للبيانات. هذا التطور سيمكن الجهات المعنية من:
فهم سلوكيات الركاب: معرفة الأوقات والمسارات الأكثر ازدحامًا لتوزيع الحافلات بفعالية.
تحسين الخدمة: تحديد أفضل المواعيد والمسارات لخدمة أوسع شريحة من المواطنين.
تقليل الاكتظاظ: بفضل البيانات المتاحة، سيتمكن النظام من تنظيم الركاب والمسارات بكفاءة.
تطبيق التكنولوجيا لخدمة المجتمع:
ستتمكن الحافلات التي يتم تزويدها بأجهزة الدفع الإلكتروني من الاتصال المباشر مع تطبيق "باص رؤية عمان"، مما يوفر ميزات استثنائية مثل:
1. التخطيط المسبق: يمكن للمستخدمين معرفة مواعيد الحافلات ومسارها بسهولة.
2. تقليل الانتظار العشوائي: يساعد الركاب على جدولة رحلاتهم بشكل يتماشى مع جداول الحافلات.
3. تعزيز الأمان المروري: تحديد نقاط تحميل وتنزيل ثابتة يقلل من التوقفات العشوائية التي تعطل حركة المرور.
لماذا هذا المشروع ضرورة وطنية؟
الوضع الحالي للنقل الجماعي في الأردن يبرز مشكلات حادة:
غياب التنظيم: من عدم وجود مواعيد واضحة إلى توقفات عشوائية تسبب ازدحام الطرق.
ضعف الكفاءة: الركاب يعانون من هدر الوقت بسبب انتظار طويل وغير مبرمج.
هذا المشروع يقدم الحلول المناسبة، حيث ستتحول الحافلات التقليدية إلى جزء من نظام ذكي يعتمد على التكنولوجيا.
توسيع الرؤية لتشمل المملكة كاملة:
نجاح هذه الفكرة في عمان يجب أن يكون خطوة أولى نحو تعميم التجربة في جميع المدن والمحافظات. فالمحافظات، التي يعتمد النقل فيها على حافلات صغيرة (كوستر) تعمل بشكل عشوائي، تحتاج هذا التطوير بشدة.
الفوائد الوطنية لتوسيع المشروع:
1. تكامل النقل الجماعي: الربط بين المدن والمحافظات سيعزز من كفاءة التنقل.
2. تقليل الانبعاثات الكربونية: الحد من الاعتماد على السيارات الخاصة يساهم في حماية البيئة.
3. دعم الاقتصاد: تسهيل التنقل للعمل والدراسة سيزيد من الإنتاجية الاقتصادية.
4. تشجيع الاستثمار والسياحة: نظام نقل عصري ومنظم سيجذب السياح والمستثمرين، مما ينعش الاقتصاد.
التحديات والفرص
لا شك أن المشروع سيواجه عقبات مثل الاعتياد على النظم القديمة، أو مقاومة التغيير من بعض الأطراف. لكن علينا أن ندرك أن التقدم يحتاج إلى مواجهة التحديات بشجاعة وإصرار. دعم المواطنين والحكومة لهذا المشروع سيضمن نجاحه ويضع الأردن في مقدمة الدول التي تبنت النقل الذكي كركيزة للتنمية.
أشعر بالسعادة لأننا أخيرًا نتحرك نحو نقل جماعي ذكي وفعال. ما بدأته أمانة عمان ليس مجرد تحسين لوسائل النقل، بل هو قفزة نحو المستقبل وتغيير جذري لواقع النقل الجماعي في الأردن. إذا استمررنا في دعم هذه الجهود وتوسيعها لتشمل جميع المحافظات، سنكون أمام نظام نقل جماعي نموذجي يعكس تطلعاتنا نحو التنمية المستدامة والتحضر. دعونا نتكاتف جميعًا لدفع عجلة هذا المشروع إلى الأمام، فالأردن يستحق الأفضل.