الذكاء الاصطناعي بين إنقاذ الأرواح وتهديد البشرية: ابتكارات ومخاطر مستقبلية

الذكاء الإصطناعي في الصحة والبيولوجيا

الذكاء الاصطناعي بين إنقاذ الأرواح وتهديد البشرية: ابتكارات ومخاطر مستقبلية
الذكاء الاصطناعي بين إنقاذ الأرواح وتهديد البشرية: ابتكارات ومخاطر مستقبلية

درب الأردن -  الذكاء الإصطناعي في الصحة والبيولوجيا- بقلم: سنديب واسلكار

جذب الذكاء الاصطناعي الأنظار عندما تم إصدار ChatGPT-4 في مارس 2023، لكن العديد من التطورات المهمة حدثت قبل ذلك، مما ساعد البشرية على التعامل مع المشكلات الصحية الحرجة.

توقع الأوبئة بإستخدام الذكاء الاصطناعي

الدكتور كامران خان، أستاذ في جامعة تورنتو، هو مؤسس شركة BlueDot، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالأمراض المعدية.

 طورت الشركة منصة تتبع 100,000 معلومة يوميًا بـ 65 لغة من مصادر متنوعة، تشمل مواقع الأخبار وحجوزات الطيران.

 في ديسمبر 2019، اكتشفت BlueDot فيروسًا جديدًا في سوق ووهان بالصين. حذرت من أن الفيروس سينتشر خارج الصين، ونصحت عملاءها في كندا بتجنب السفر إلى ووهان، وذلك قبل شهر من إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ بسبب كوفيد-19. كان الذكاء الاصطناعي المستخدم في هذا التحليل من نوع "الذكاء الاصطناعي الضيق"، وهو نظام متخصص في حل مشكلة معينة، وليس ذكاءً اصطناعيًا عامًا مثل ChatGPT.

تطوير اللقاحات بإستخدام الذكاء الاصطناعي

اعتمدت شركتا فايزر وموديرنا على الذكاء الاصطناعي الضيق في تطوير لقاحات كوفيد-19. كانت المنصات المستخدمة قيد التطوير لعقود، وساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل هياكل البروتينات وتحسين المرشحين للقاحات، مما سرّع عملية إنتاجها.

تشخيص الأمراض النادرة بالذكاء الاصطناعي

في 2019، لاحظت كورتني، وهي أم أمريكية، أن نمو طفلها أليكس البالغ من العمر أربع سنوات قد توقف، وكان يعاني من ألم دائم وأعراض غير طبيعية.

زارت 17 من أفضل المستشفيات في الولايات المتحدة، دون جدوى. بعد أشهر من إطلاق ChatGPT-4 عام 2023، حمّلت كورتني جميع ملاحظاتها الطبية على الأداة، التي اقترحت أن الأعراض قد تكون متوافقة مع متلازمة الحبل الشوكي المثبت (TCS)، وهي اضطراب عصبي نادر يسبب تلف الأعصاب والألم. بعد التشخيص الصحيح، تمكنت من العثور على جراح أعصاب أجرى العملية بنجاح، مما منح طفلها فرصة لحياة طبيعية.

الذكاء الاصطناعي في أبحاث السرطان والألزهايمر

يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضًا لاكتشاف علاجات للسرطان ومرض ألزهايمر. في جامعة أوكسفورد، طوّر الطالب كيت غالاغر طريقة جديدة للكشف المبكر عن السرطان باستخدام الذكاء الاصطناعي. كونه رياضياتيًا، كرس حياته لتطبيق الرياضيات في علم الأحياء. إلى جانبه، يعمل العديد من الباحثين في أوكسفورد على استخدام الذكاء الاصطناعي لإيجاد علاجات للسرطان.

 

تعاون الدول النامية لمكافحة الأمراض بالذكاء الاصطناعي

تعاني الهند ودول آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية من الأمراض المعدية والأمراض النادرة. يمكن لهذه الدول التعاون لإنشاء أدوات ذكاء اصطناعي للكشف المبكر عن الأمراض والتنبؤ بانتشارها، مما يساعد في إنقاذ ملايين الأرواح.

كما يمكنها تأسيس مراكز بيانات وأبحاث مشتركة، ودعم شركات ناشئة مماثلة لشركة BlueDot.

مخاطر الذكاء الاصطناعي في البيولوجيا

رغم فوائده، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح خطرًا إذا أُسيء استخدامه.

 تمكن نموذج طوره ديميس هاسابيس من التنبؤ بهياكل 200 مليون بروتين، مما ساعد في تطوير الأدوية. وقد أصبح نموذج AlphaFold 3 أكثر كفاءة في مساعدة شركات الأدوية على ابتكار أدوية جديدة.

لكن الخطورة تكمن في قدرة الذكاء الاصطناعي على تصميم جزيئات دوائية جديدة، بل وحتى تكوين مركبات كيميائية غير موجودة في الطبيعة. يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا جعل العدوى أكثر فتكًا، مما قد يسمح لعالم مارق باستخدامه كسلاح بيولوجي. بعض نماذج الذكاء الاصطناعي قادرة على تصميم هذه الأسلحة تلقائيًا دون تدخل بشري.

في عام 2022، أجرت شركة في نورث كارولينا، الولايات المتحدة تجربة طلبت فيها من الذكاء الاصطناعي تصميم جزيئات سامة. خلال ست ساعات فقط، ابتكر الذكاء الاصطناعي 40,000 مركب سام، من بينها VX nerve agent، وهو أخطر سلاح كيميائي معروف. كما ابتكر مركبات خطيرة لم يسبق أن وُجدت على كوكب الأرض.

تم نشر نتائج التجربة في مجلة علمية، مما أثار مخاوف العلماء. فهم يدركون أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تشخيص الأمراض وإيجاد علاجات تفوق قدرة الأطباء، لكنه يمكنه أيضًا ابتكار أسلحة بيولوجية غير مسبوقة. إذا استمر سباق الدول لتطوير الذكاء الاصطناعي من منظور تنافسي ضيق، فقد يؤدي إلى إنتاج أسلحة تدمر البشرية.

الحل الوحيد هو التعاون الدولي لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق صحة عالمية، وليس لصنع كوارث بيولوجية. في أوائل عام 2025، أشارت شركتا OpenAI وAnthropic إلى أن نماذجهما الجديدة قد تسمح لغير المتخصصين بتصميم تهديدات بيولوجية.

لذلك، يجب أن يكون الهدف العالمي هو توظيف الذكاء الاصطناعي لخدمة الصحة البشرية، ومنع تحوله إلى وحش قادر على إنتاج أسلحة بيولوجية تهدد العالم.

سنديب واسلكار هو رئيس Strategic Foresight Group، وهو مركز أبحاث دولي، ومؤلف كتاب "عالم بلا حرب.