أهمية تخصيص دورات مشاة في المدارس والجامعات لتحسين صحة أجيالنا الجسدية والنفسية
درب الأردن - كتب أ.د. محمد الفرجات
في خضم التغيرات الاجتماعية والثقافية التي نعيشها اليوم، تظهر الحاجة إلى إعادة النظر في بعض الممارسات التربوية والتدريبية التي تساهم في بناء شخصية قوية ومتزنة لأبنائنا. إحدى هذه المبادرات التي يمكن أن تكون بديلاً أكثر فعالية للمطالبات بعودة خدمة العلم هي تخصيص دورات مشاة لطلاب المدارس والجامعات. هذه الدورات لا تهدف فقط إلى تحسين اللياقة البدنية، بل تسهم أيضاً في تعليم الصبر، الحزم، العزم، الانضباط، والعمل الجماعي.
تعزيز الصحة البدنية والنفسية:
تساعد دورات المشاة في تعزيز صحة الطلاب عبر الأنشطة البدنية المنتظمة التي تقوي العظام والعضلات وتحسن لياقة القلب والجهاز التنفسي. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الأنشطة تقلل من التوتر والقلق وتحفز إفراز الإندورفين، مما يعزز الشعور بالسعادة والراحة النفسية. الطلاب الذين يشاركون في أنشطة المشاة يصبحون أكثر قدرة على التركيز والتحصيل العلمي.
تعليم الصبر والحزم:
المشي المنظم ليس مجرد نشاط بدني، بل هو تدريب على الصبر وتحمل المسؤولية. يتعلم الطلاب كيفية تجاوز التحديات والضغوط التي قد تواجههم أثناء التدريب، مما ينعكس على قدرتهم في التعامل مع صعوبات الحياة اليومية بثقة وإصرار.
بناء الانضباط والنظام:
تتطلب دورات المشاة الانضباط التام والالتزام بالقواعد والتعليمات. هذه المهارات تزرع في نفوس الطلاب أهمية احترام الوقت، الالتزام بالمسؤوليات، والعمل تحت إطار منظم. هذه القيم لا تفيدهم فقط أثناء التدريب، بل تصبح جزءاً من شخصيتهم اليومية.
تعزيز العمل الجماعي:
تقوم دورات المشاة على التعاون بين أفراد الفريق لتحقيق هدف مشترك، مما يعلم الطلاب أهمية العمل الجماعي ويعزز روح الفريق. يدرك الطلاب أن النجاح يعتمد على التكاتف والتناغم بين الجميع، وهي قيمة أساسية في حياتهم المهنية والاجتماعية.
التنسيق بين المؤسسات الوطنية:
يمكن تنفيذ هذه الدورات بالتنسيق بين قواتنا المسلحة الباسلة ووزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، حيث تقدم القوات المسلحة الإشراف والتدريب بفضل خبراتها العريقة في هذا المجال، بينما تعمل الوزارتان على إدماج هذه الدورات في المناهج الدراسية أو كأنشطة خارج المنهاج. هذا التعاون يضمن الجودة والتنظيم، ويحقق الاستفادة القصوى من الموارد البشرية والمادية المتاحة.
استثمار الموارد بدلاً من إعادة خدمة العلم:
بدلاً من العودة إلى خدمة العلم بما تتطلبه من موارد مالية ولوجستية ضخمة، يمكن تخصيص ميزانيات أقل لإنشاء برامج دورات المشاة داخل المدارس والجامعات. هذه الدورات يمكن أن تكون جزءاً من المناهج الدراسية أو أنشطة خارج المنهاج، مما يضمن شمولية الفائدة لجميع الطلاب دون الحاجة إلى استدعائهم لفترات طويلة أو تعطيل مسيرتهم التعليمية.
نتائج مستدامة على الأفراد والمجتمع:
على المدى الطويل، يمكن أن تسهم دورات المشاة في إيجاد جيل يتمتع بصحة أفضل، شخصية متزنة، وقيم أخلاقية متينة. كما أن الانضباط والصبر المكتسب من هذه الدورات يعزز من جاهزية الشباب للتعامل مع تحديات سوق العمل ومتطلبات الحياة.
إن تخصيص دورات مشاة في المدارس والجامعات هو استثمار مستدام في مستقبل أبنائنا. هذه الدورات تقدم حلاً عملياً لتحسين صحة الطلاب وتعزيز مهاراتهم النفسية والاجتماعية، مع غرس قيم الانضباط والعمل الجماعي. التنسيق بين القوات المسلحة ووزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي سيضمن نجاح هذه المبادرة، لتصبح نموذجاً يحتذى به في إعداد أجيال قادرة على تحمل المسؤولية والمساهمة الفاعلة في بناء الوطن.